تسرق الحروب من أعيننا الأمان، تخطف من أنفاسنا طمئنينة الهواء، تقتل ملامح الأمل في أرواحنا، لكن مراكب الحياة تدفعنا إلى المكابدة حتى نعبر إلى البر الأخر من السلام، والبر الأخر من النور، لقد مزقت الحرب عبق الألوان في مرسم الفنان التشكيلي السوري مهند كيلاني، كسرت فؤاد لوحاته وحطمت آمال أقلامه، لكنه عاند الموت وانفجر في وجه الهلاك وقرر ألا يستسلم وألا تموت أنفاس الحبر وتُحرم من بهجة الحياة.
ولد الفنان التشكيلي مهند كيلاني، في العاصمة السورية دمشق، عام ١٩٥٥م، استقطبته هواية الرسم منذ طفولته المبكرة، وبالرغم من عدم وجود تشجيع له من أحد إلا أنه حافظ على تلك الهبة الربانية التي وهبه الله إياها.
تمثلت محاولات التشكيلي مهند كيلاني، في بداية ارتباطه باللوحات والألوان كمحاولات ساذجة إلى أن صقلها بالتعلم والممارسة مع التكرار، ودائماً ما كان
يحاول أن يجسد قيم الجمال بالطبيعة وقيم الجمال الإنسانية.
تسببت ظروف الحياة الأحتماعية والاقتصادية في إهماله لممارسة الفن التشكيلي وانصرافه إلى أمور أخرى بعد قيامه بأنجازات عمل بين فترة وأخرى.
بعد تقاعد التشكيلي مهند كيلاني، عن أعماله التي كان يؤمن منها معاشه، عاد وبشغف إلى ممارسة الفن التشكيلي، ويضيف ل”صباح مصر” انجزت كماً لابأس به من الأعمال الملفتة والمهم من ناحية قيمتها الفنية والمالية والفكرية.
فقد الفنان التشكيلي مهند كيلاني، مرسمه ومعظم أرشيفه من مئات الأعمال وسكنه بفعل الأحداث الكارثية التي مرت بها سوريا الحبيبة، كان ذلك بمثابة نار ملتهبة أشعلت جمرة فؤاده حزناً.
ومن خلال تأثر كيلاني، بالمدرسة السريالية عمل على ذلك ببعض الأعمال وحاول تجسيد فكرة تأثير الدمار الحضاري بالبيئة الطبيعية والثقافية والأجتماعية مشبهاً هذا التطور بالفيروس الذي يعمل على تفكيك هذا النظام البيئي والثقافية والاجتماعي.
يرى مهند كيلاني، أن فترة الخمسينات والستينات كان الأهتمام بالفنون عامة وبالفن التشكيلي خاصة أكثر من وقتنا هذا، حيث لا يرى الفن التشكيلي من يتذوقه ويعطي حقه ويقدر قيمة العمل فيه.
يعتبر الفنان التشكيلي مهند كيلاني، أن الأحتكاك والمطالعة الدائمة للأنجازات التشكيلية محلياً وعالمياً والدأب على تطوير الذات وتثقيفها علمياً وفنياً، تزود من القيم العلمية للفنان وتزيده خبرة واستفادة.
مع تطور الإنترنت الذي أتاح المطالعة عالمياً على الأنجازات والنشاطات التي ليس لها حدود، زاد شغف كيلاني، على متابعة الوسط التشكيلي وفنانيه.
يحاول مهند كيلاني، نشر الوعي الثقافي والفني لدى النشئ الجديد من الموهوبين والمهتمين بالفن التشكيلي من خلال الخبرة التي اكتسبها طوال رحلته مع هذا العالم، مستخدماً مواقع التواصل الاجتماعي لخدمة هدفه النبيل، ويضيف، ليس بوسعي قياس كم أمضيت وأفنيت من أوقات بالأهتمام والممارسة.. أنما أشعر بل أتمنى لو يعود الزمن بي إلى الوراء لأستفيد مما فاتني من هدر وتعلم مما أكتسبته حالياً، وأنصح النشئ الجديد بالمطالعة والأطلاع على التطورات الحديثة بالأدوات والأفكار.